مقال رائع لا يحتاج الى مقدمات للدكتور مصطفى محمود يصف فيه حال المراة ..اروع ما يمكن ان يكتب عن المراة ..ولا تنسى قراءة المقالات لاخره كالعادة..حتى تسبح وتحمد مع خاتمة الدكتور مصطفى محمود المعتاده فى ذكر الله سبحانه وتعالى
المرأة كالدنيا فيها تقلبات الفصول الأربعة.
تفيء إليها ذات يوم فتجد الظل و الخضرة و العبير و الثمر و تلجأ إليها في يوم آخر فتراها تعرت عن أوراقها و جفت فيها الحياة و توقف العطاء لا ظل و لا زهر و لا ثمر.
تتداول عليها الأحوال تداول الليل و النهار و الربيع و الخريف و المطر و الجفاف و الجدب و النماء.
فإن كنت عشقت الظل و الخضرة و العبير و الثمر فذلك ليس وجه المرأة فإن للمرأة كل وجوه الدنيا و هي تشرق و تغرب مثل القمر و تطلع و تأفل مثل الشمس و تورق و تذبل مثل الورد.. فإن كان ما تنورت به عيناها ذات مساء هو ما عشقت فما عشقت وجهها بل وجه الله الذي أشرق عليها و عليك ذات مساء.
و حيثما يشرق وجه الله تتنور المظاهر و يورق الشجر و يتفتح الزهر و يجود الثمر و يبتسم الولدان و تهفو قلوب العشاق إلى من تعلقت به النعمة و تجلى فيه الجود.
و ساعتها تخطئ أقدامنا العنوان و تخطئ ألسنتنا الاسم الذي تسبح له.. و ننسى بارئ النعمة و ننسى أنه لا أنا و لا أنت و لا هي لنا من الأمر شيء..
و إنما كل ما حدث أن الله قال بلسان المظاهر.. ذات مساء في لحظة تجل.. أنا موجود.. أنا بديع السماوات و الأرض..
تتوقف هذه العين عند اللحظة و تتجمد عند القد و الخد و الخصر و النهد.. و تنسى مصدر الجود فينساها صاحب الفضل و يشيح عنها بوجهه الكريم.. فيذيقها الله الهجر و هي في القرب و يريها خيبة الأمل و هي في ذروة العمل و يختم لها بالخذلان و هي في غفلة الهيمان.
و تلك هي صدمة العشاق التي أفاض فيها الشعراء و أطالوا و هي في صميمها لفتة رحمة من الله يوقظ بها الذين أخلدوا الى الأرض و اتبعوا الأهواء و نسوا المعشوق و المحبوب و صاحب الفضل.. و الأصل كل الأصل.. الاسم الجامع لكل الكمالات.
و ذلك هو الأكل من الشجرة.
ثم الاهباط بعد الأكل من الشجرة.. و النزول من سماوات المعرفة الرحيبة الى سجون اللذات و زنزانة اللحظات.
تلك هي القصة التي تتكرر كل يوم منذ آدم و حواء و كلما اجتمع ابن لآدم و بنت لحواء.
تتكرر الخيبة و يتكرر الخذلان.
و لا يعتبر عاقل و لا جاهل.
و الذين أحبوا أو صدموا يعودون الى حب جديد و الى خيبة أمل جديدة و لا يشبع أهل الأمل من خيبة الأمل.
و كل مرة تزداد الغواشي على الحس و يضيق مجال الرؤية و تضيق الزنزانة على صاحبها و يغرق أهل الصبابة في بحر الصبابة.
و لا ينجو من البحر الا من عصم ربك.
انما هو بحر الظمأ الذي يجري بين ذراعي المرأة كلما شرب منه الشارب ازداد ظمأ و كلما عب منه عبا احترق احتراقا.. يظن أنه يرتوي و يبترد.. فلا يبترد أبدا و لا يرتوي أبدا.. و لا يشبع أبدا.. و لا يسكن أبدا.
انما عنده هو السكن.
و بين يديه القرار و الاستقرار.
صدق أبو العتاهية في قوله:
طلبت المستقر بكل أرض فلم أر لي بأرض مستقرا
فلا مقر لنا في هذه الأرض و لا وطن لنا فيها و انما وطننا في بيت المعاد الذي جئنا منه عند شجرة الخلد حقا و ليس عند شجرة الجوع و الظمأ التي أكل منها آدم و مازلنا نحن أولاده نأكل منها فنزداد جوعا على جوع و لا نعرف شبعا و لا راحة.
انما الحياة بجوعها.
و شجرة الأنوثة بربيعها و خريفها.
و الزهور بتفتحها و ذبولها.
و الشمس بطلوعها و أفولها.
كلها رموز تتكلم بلسان الحال..
بأنها كلها قصاصات و عينات و عبوات صغيرة تشير الى عالم آخر فيه النماذج المثلى و الكمالات و الأصول لكل هذا الذي نرى أمامنا في صندوق الدنيا.. و كأنما يضع لنا الطاهي قطرة في ملعقة و يقول لنا ذوقوا.
و الحكيم هو الذي يذوق و يقول.. الله.. ما أحلى الطهو.. يذوق فقط و لا يفكر في أن يجلس ليأكل.. لأنه يعلم أن الدنيا مناسبة للتعرف.. و عينات للتذوق.. و عبور سريع في نفق أرضي من أنفاق المترو فيه صور و معروضات.. و كل حظ الراكب لفتة هنا و لفتة هناك.
أما الجلوس للأكل و الشروع في مباشرة الحياة الحقة فذلك لن يكون الا بعد انتهاء الرحلة و الخروج من النفق الأرضي الى السطح حيث نجد في انتظارنا نعيم الخلد و الجنة التي عرضها السماوات و الأرض و الحياة الجديرة بأن نحياها حقا.. حيث أرض الكمالات و عالم المثل.. و ذلك حظ من اتقى و فهم و عرف، و كان بينه و بين الله عمار و صلة و عهد.
أما من قطع حبل الاتصال و عاش حياة الانفصال و لم يعرف لذة الوصال و انشغل عن الحقيقة بعالم الأوهام و تعلقت همته بالصغار، فذلك حظه البقاء في النفق المظلم و نصيبه الابعاد والاهباط من نفق مظلم الى نفق آخر أشد اظلاما و لا نهاية.. فليس للبعد نهاية كما أنه ليس للقرب نهاية.. و ليس لنعيم الله حدود كما أنه ليس لعذابه حدود.
ومن يتلفت حوله في الدنيا و يتأمل عجائب صنعة الله و غرائب آياته يمكن أن يتصور كم يمكن أن يكون مذهلا و مدهشا ذلك العالم الكامل.. عالم الملكوت الذي صنعه نفس الصانع و وعد به أحباءه.
ان عظمة الصنعة من عظمة الصانع.
و ليس أعظم من الله.
فكذلك نعيمه و كذلك عذابه.
و أهل القلوب لا تجف لهم دموع من تصور يوم الجمع.. و ساعة المصير.
و هم الباكون الراجفون الضارعون الداعون الراكعون الساجدون في هذا السامر من الولائم الكاذبة على مائدة الدنيا حيث يعلم كل من يأكل أنه سوف يموت.. و مع ذلك يقتل الغافلون بعضهم بعضا على اللقمة و يتنازعون على شربة الماء.
أولئك هم الصارخون في الخلوات.
إلهي.. ارزقنا.. خوفك..
ضع الموت بين أعيننا.
فلا شيء يستحق البكاء سوى الحرمان منك و لا حزن بحق الا الحزن عليك.
أنت الحق.
و أنت ما نرى من جمال حيثما تطلعت عين أو استمعت أذن أو حلق الخيال.
لاإله إلا أنت.
سبحانك.
إني كنت من الظالمين
اذالماذا هذه الحياة؟ لماذا جمال الحياة بالنساء لماذا الارض والسماء؟ اننا نحيا هنا لماذا هنا لماذا الحياة؟ لماذا العذاب؟ لماذا الحساب؟
ردحذفلان هذ مقدر ومكتوب ،ويجب على ابن ادم ان يسعى لكى ينجو من الامتحان الذى خيره الله له
حذفلحكمةأرادها الخالق سبحانه ، ووضح الغاية منها في كتابه الكريم
ردحذف( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) فماسبب هذه الحيرةإذن!
الهدف هو عبادة الله و التعرف اليه في كونه و مخلوقاته
ردحذفيقول الخالق في حديث قدسي
"يا ابن ادم خلقتك للعبادة فلا تلعب و قسمت لك رزقك فلا تتعب
فإن انت رضيت بما قسمته لك أرحت قلبك و كنت عندي محمودا
و إن لم ترض بما قسمته لك سلطت عليك الدنيا تركض فيها ركض الوحوش في البرية ثم لا يكون لك منها إلا ما قسمته لك و كنت عندي مذموما"
اللهم ارزقنا القناعه بما قسمت لنا واجعلنا منالصابرين
ردحذفلا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين
ردحذف