مقالة رائعة بقلم المغفور له باذن الله الدكتور مصطفى محمود :
ماذا حدث للدنيا ؟!! و لماذا يصرخ المغنون.. و لماذا يتشنج الراقصون ؟! و لماذا هذه الإيقاعات المزعجة و الموسيقى النحاسية التي تخرق الآذان ؟!
هذه الأمور تفصح عن فقر فني.. و ذوق فاسد.. و بلادة سمعية.. ما ضرورتها لصوت جميل بالفعل ؟!
و هذا التسويق الفج.. ما الداعي إليه.. لولا سوء البضاعة و رخص الموهبة ؟.. و اضحكوا معي على الغلاء الطاحن.. مع رخص الناس.. و رخص الفن.. و انعدام القيم.. و تفاهة البضاعة.
إننا معاقبون يا سادة بهذا الضنك.. و تأملوا كلمات ربكم:
(( وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا (124) )) [ طه ]
أليس عالم اليوم قد تلخص كله في هذه الكلمة البليغة.. (( الضنك )).. (( و الإعراض )) ؟! أليس العالم قد أعرض تماما عن كل ما هو رباني و غرق تماما في كل ما هو علماني و مادي و دنيوي و شهواني و عاجل و زائل.. و الكلام على مستوى العالم كله !
الكل متعجل يريد أن يغنم شيئا و أن يلهف شيئا.. لا أحد ينظر فيما بعد.. و لا فيما وراء..
الموت لا يخطر ببال أحد.. و ما بعد الموت خرافة.. و الجنة و النار أساطير.. و الحساب حدوتة عجائز.. و الذين يحملون الشعارات الدينية.. البعض منهم موتور و البعض مأجور.. و المخلص منهم لا يبرح سجادته و يمشي إلى جوار الحائط.. فهو ليس مع أحد.. و ليس لأحد.. و إنما هو مشدوه و منفصل عن الركب.. و مشفق من العاقبة.. و هو قد أغلق فمه و احتفظ بعذابه في داخله.. و اكتفى بالفرجة.
و الناس في ضنك.. و كل العالم: أغنياؤه و فقراؤه.. كلهم فقراء إلى الحقيقة.. فقراء إلى الحكمة.. فقراء إلى النبل.
و أكثر الأنظار متعلقة بالزائل و العاجل و الهالك.
و الدنيا ملهاة.
و هي سائرة إلى مجزرة. فالله في الماضي كان يوقظ خلقه بالرسل و الأنبياء.. و اليوم هو يوقظهم بالكوارث و الزلازل و الأعاصير و السيول.. فإذا لم تجد معهم تلك النذر شيئا ألقى بهم إلى المجازر و الحروب يأكل بعضهم بعضا و يفني بعضهم بعضا.
و حروب المستقبل حروب فناء تأكل الأخضر و اليابس و تدع المدن العامرة خرابا بلقعا.
و نحن على حافة الرعب و الصراع المفني. و ماذا يهم ؟! ماذا يهم ؟! فالمغنية تغني و تتلوى على المسرح.. في إيقاع أفعواني.. تحت بقعة الضوء.. و الألوف يرقصون كالأشباح في الصالة دون وعي..
ماذا تقول..
لا أحد يصغي إلى ما تقول.. و إنما الكل يصرخ و يصفق و يهتف و يتلوى كأفاع مسحورة.. و الطبول و الدفوف و الإيقاع الهمجي قد حول الكل إلى قطعان بدائية ترقص في شبه غيبوبة.
و لا تملك و أنت تستمع معهم إلا أن تفقد اتزانك و قدميك ثم تصبح جزءا من هذا اللاوعي المفتون.. و قد خيم على الجو إحساس الكهوف البدائية.
هل انتهت الحضارة فجأة.. و عدنا إلى كهوف الإنسان الأول ؟! هل تبخر العقل.. و لم تبق إلا غرائز تعوي و تتلوى على الطبول و الدفوف ؟! نعم.. يا سادة.. تلك هي نهاية علمانية اليوم.
و تلك هي احتفالية العالم بنهاية الإيمان.
احتفالية بالعقل الذي أسلم نفسه للهوى.
و الحكمة التي نزلت عن عرشها للغرائز و الإنسان الذي أسلم قياده للحيوان.
و ماذا يهم..؟!!!
لا شيء يهم...!!!
إننا نرقص اليوم للفجر.
و ليكن غدا ما يكون.
هكذا تعلمنا في سهرات (( الدش )) و إبداعات مادونا و جاكسون و فنون الموجة الشبابية الجديدة و برامج الأقمار و الفضائيات القادمة علينا من أمريكا و أوروبا.
و ذلك هو العصر العجيب الذي نعيش فيه..
أمريكا – القطب العملاق الذي يحكم العالم – تخصصت في صناعة الغيبوبة لشباب هذا العالم.. عن طريق أفلام الحب و العنف. و الرعب و أساطير الخيال العلمي و عن طريق الرحلات الفضائية و الصواريخ المنطلقة إلى القمر و المريخ و زحل و المشتري.. و عن طريق ترسانة كيميائية تنتج عقاقير الهلوسة و إكسير الشباب و الفياجرا و من أمريكا خرجت أكذوبة الميلاتونين.
و من أمريكا خرج الديسكو و الجاز و نوادي الشواذ.. و من أمريكا انتشرت صناعة الغيبوبة لتصبح صناعة مقررة في أكثر الحكومات و سلاحا مشروعا تحارب به الأزمات و تشغل به الشعوب عن متاعبها.
سلاح اسمه (( الهروب اللذيذ )).. على أنغام الموسيقى و الديسكو و على رقصات المادونا.
و لا أحد يكره أن يهرب من مشاكله في ساعة لذة و إغماء غيبوبة بل كل مراهق يحلم بهذا الهروب اللذيذ و يسعى إليه.
و هذه الفكرة الإبليسية هي التي يدير بها الكبار العالم.
و حرب الخليج كانت هي (( النهب اللذيذ )) لبترول الخليج و ثرواته.. و لكن الاسم المعلن لهذا النهب كان شعارات مبهرة عن تحرير الشعوب و نجدة الضعفاء و نصرة الديمقراطية و إعادة الشرعية.. الخ.. الخ.. إلى آخر الأسماء الجذابة الخلابة التي تدير الرؤوس و تسكر النفوس.
و الإعلام هو دائما الأداة الإبليسية لهذا النهب اللذيذ.. و الاستعمار اللذيذ.. و الهروب اللذيذ..
(( ن و القلم و ما يسطرون ))...
و ما أعجب ما يصنع القلم.. و ما أعجب ما يسطر ذلك القلم الذي يميت و يحيي، و يسحر و يفتن، و يوقظ و ينيم، و يبني و يخرب، و يهدي و يضل.
و هناك الآن أقلام عظيمة تجيد صناعة هذا (( التيه )).
و مؤسسات عالمية تصنع للشعوب الدوار.. و تتفنن في تسمية الأشياء بغير أسمائها.. و تسبغ هالات المجد على تفاهات.. و تروج للجريمة و الشذوذ و فنون الغيبوبة.
و أصبح من لزوميات هذا العصر أن يكون في أذن كل مستمع (( فلتر )) لكشف الزيف في الكلمات و المرائي و المشاهد.. خاصة في المشاهد العسل.. و الكلمات العسل.. و الوعود العسل.. التي يقصد بها النوم في العسل..
و إذا فتحت ال C. N. N أو أي محطة اجعل هدفك هو البحث فيما وراء ما تسمع.. البحث فيما وراء المقاصد.. و فيما وراء الأهداف من كل كلمة و كل خبر و لا تحسن الظن.. فإن سوء الظن الآن هو من حسن الفطنه
مقال رائع
ردحذفرحمك الله
د.مضطفى محمود..كم أعشقك!
ردحذفشكرا على الموضوع
ردحذفرائع رائع رائع و مليون الف رائع
ردحذفانا اري ان الاستاذ مصطفي محمود ما هو الا السعل الممتنع
ردحذفدز مصطفي محمود .. اللهم اغفر له
ردحذفاتمنى ان نستفيد من تجربة الدكتور
ردحذفد/مصطفى محمود خسارة فادحة للعرب رحمة اللة
ردحذفغفر الله لك يا دكتور مصطفي والله انك لعلامة وقلما وجد امثالك .الهم ارحمه وادخله جنات تجري من تحتها الانهار خالدا فيها .اللهم امين
ردحذفهاتعيش وتموت فوق رؤسنايادكتوررررررررررررررررر
ردحذفجزاك الله خىرا وغفر لك وجعله فى مىزان حسناتك ىا دكتور مصطفى
ردحذفغفر الله لك يا دكتور مصطفي مقالة اكثر من رائعة .. شكرا لك !
ردحذفانا النهاردة قررت اخرج من الغيبوبة الفكرية فكان اول ما جاء بخاطري د/مصطفى رحمة الله عليه ونحتسب هذا العلم اللي تركه لنا يكون صدقة جارية له الفاتحة لدكتورنا
ردحذفغفر الله لك
ردحذفرحمك الله قلما يجود الزمان بمثلك
ردحذفاستاذى انى احبك فى الله
ردحذفرائع
ردحذفالمقال رائع جدااااااااااااااااا
ردحذفلنستيقظ من هذا الوهم الذى نعيشه .
ردحذفمقالة رائعة ..غفر الله لك
ردحذفرحمك الرحمن
ردحذفاالله يرحمه.. وشكرا لكم..))
ردحذفما اصدق قولك كانك تعيش في هذا الزمن الرديئ ولسوء الحظ يسمى ربيع العرب لعمري انه ربيع اسرائيل ولا احد غير اسرائيل
ردحذفاستاذى انى احبك فى الله
ردحذفاه لو كانو سمعوا او نظروا الى كلماتك من قبل ان تحدث كل هزه الكوارث
ردحذفمقال راااااااااااائع
ردحذفرحمك الله
تعم رحيل الدكتور مصطفى محمود خسارة فادحة للإنسانية جمعاء ,لكن نسأل الله أن يعوضنا بأحسن منه هو ولي ذلك و القادر عليه .
ردحذفسبحان الله كإنه لسه عايش معانا!
ردحذفأنا مستغرب امال كان هيقول ايه لما يسمع أغاني المهرجانات هههههههههه
الله يرحمه و يغفرله و يجمعنا بيه في الجنة مع الأنبياء و الصالحين إن شاء الله
سبحان الله كإنه لسه عايش معانا! امال كان هيقول ايه إذا سمع اغاني المهرجانات ههههههههه
ردحذفالله يرحمه و يغفرله و يجمعنا بيه في الجنة مع الأنبياء و الصالحين إن شاء الله
اني والله احبك في الله ، كنت اتمنى ان اصافحك شخصيا يا دكتور مصطفى ولكن ان شاء الله في الاخرة ، رحمك الله يا دكتور مصطفى محمود وادخلك الجنة اللهم امين .
ردحذفاني والله احبك في الله ، كنت اتمنى ان اصافحك يا دكتور مصطفى ، ولكن ان شاء الله في الاخرة ، رحمك الله يا دكتور وادخلك الله فسيح جناته .
ردحذفالله يرحمه كان حكيما ونحسبه علي خير والله حسيبه
ردحذف