شق في الحائط
سبتمبر 14, 2010
1 تعليق
النملة التي تسكن شق الحائط و تتجول في عالم صغير لا يزيد عن دائرة قطرها نصف متر و تعمل طول الحياة عملا واحدا لا يتغير هو نقل فتافيت الخبز من الأرض إلى بيتها تتصور أن الكون كله هو هذا الشق الصغير و أن الحياة لا غاية لها إلا هذه الفتفوتة من الخبز ثم لا شيء وراء ذلك.. و هي معذورة في هذا التصور فهذا أقصى مدى تذهب إليه حواسها.
أما الإنسان فيعلم أن الشق هو مجرد شرخ في حائط و الحائط لإحدى الغرف و الغرفة في إحدى الشقق و الشقة هي واحدة من عشرات مثلها في عمارة و العمارة واحدة من عمارات في حي و الحي واحد من عدة أحياء بالقاهرة و القاهرة عاصمة جمهورية و هذه بدورها مجرد قطر من عدة أقطار في قارة كبيرة اسمها أفريقيا و مثلها أربع قارات أخرى على كرة سابحة في الفضاء اسمها الكرة الأرضية.. و الكرة الأرضية بدورها واحدة من تسعة كواكب تدور حول الشمس في مجموعة كوكبية.. و المجموعة كلها بشمسها تدور هي الأخرى في الفضاء حول مجرة من مائة ألف مليون شمس.
و غيرها مائة ألف مليون مجرة أخرى تسبح بشموسها في فضاء لا أحد يعرف له شكلا.. و كل هذا يؤلف ما يعرف بالسماء الأولى أو السماء الدنيا و هي مجرد واحدة من سبع سماوات لم تطلع عليها عين و لم تطأها قدم و من فوقها يستوي الإله الخالق على عرشه يدبر كل هذه الأكوان و يهيمن عليها من أكبر مجرة إلى أصغر ذرة.
كل هذا يعلمه الإنسان على وجه الحقيقة.. و مع ذلك فما أكثر الناس أشباه النمل الذين يعيشون سجناء محصورين كل واحد منغلق داخل شق نفسه يتحرك داخل دائرة محدودة من عدة أمتار و يدور داخل حلقة مفرغة من الهموم الذاتية تبدأ و تنتهي عند الحصول على كسرة خبز و مضاجعة امرأة ثم لا شيء وراء ذلك.. رغم ما وهب الله ذلك الإنسان من علم و خيال و اختراع و أدوات و حيلة و ذكاء و رغم ما كشف له من غوامض ذلك الكون الفسيح المذهل.
أما الإنسان فيعلم أن الشق هو مجرد شرخ في حائط و الحائط لإحدى الغرف و الغرفة في إحدى الشقق و الشقة هي واحدة من عشرات مثلها في عمارة و العمارة واحدة من عمارات في حي و الحي واحد من عدة أحياء بالقاهرة و القاهرة عاصمة جمهورية و هذه بدورها مجرد قطر من عدة أقطار في قارة كبيرة اسمها أفريقيا و مثلها أربع قارات أخرى على كرة سابحة في الفضاء اسمها الكرة الأرضية.. و الكرة الأرضية بدورها واحدة من تسعة كواكب تدور حول الشمس في مجموعة كوكبية.. و المجموعة كلها بشمسها تدور هي الأخرى في الفضاء حول مجرة من مائة ألف مليون شمس.
و غيرها مائة ألف مليون مجرة أخرى تسبح بشموسها في فضاء لا أحد يعرف له شكلا.. و كل هذا يؤلف ما يعرف بالسماء الأولى أو السماء الدنيا و هي مجرد واحدة من سبع سماوات لم تطلع عليها عين و لم تطأها قدم و من فوقها يستوي الإله الخالق على عرشه يدبر كل هذه الأكوان و يهيمن عليها من أكبر مجرة إلى أصغر ذرة.
اقرأ أيضا
كل هذا يعلمه الإنسان على وجه الحقيقة.. و مع ذلك فما أكثر الناس أشباه النمل الذين يعيشون سجناء محصورين كل واحد منغلق داخل شق نفسه يتحرك داخل دائرة محدودة من عدة أمتار و يدور داخل حلقة مفرغة من الهموم الذاتية تبدأ و تنتهي عند الحصول على كسرة خبز و مضاجعة امرأة ثم لا شيء وراء ذلك.. رغم ما وهب الله ذلك الإنسان من علم و خيال و اختراع و أدوات و حيلة و ذكاء و رغم ما كشف له من غوامض ذلك الكون الفسيح المذهل.
أكثر الناس بالرغم من ذلك قواقع و سلاحف و نمل كل واحد يغلق على نفسه قوقعته أو درقته أو يختبئ داخل جحر مظلم ضيق من الأحقاد و الأضغان و الأطماع و المآرب.
نرى الذي يموت من الغيرة و قد نسي أن العالم مليء بالنساء و نسي أن هناك غير النساء عشرات اللذات و الأهداف الأخرى الجميلة.. و لكنه سجن نفسه بجهله و غبائه داخل امرأة واحدة و داخل جحر نملة واحدة التصق بها كما يلتصق بقطرة عسل لا يعرف لنفسه فكاكا.
و نرى آخر مغلولا داخل رغبة أكالة في الانتقام و الثأر يصحو و ينام و يقوم في قمقم من الكوابيس لا يعرف لنفسه خلاصا و لا يفكر إلا في الكيفية التي ينقض بها على غريمه لينهش لحمه و يشرب دمه.
و نرى آخر قد تكوم تحت الأغطية و غاب في محاولة حيوانية لاستدرار اللذة مثل قرد الجبلاية الذي يمارس العادة السرية أمام أنثاه.
و نرى آخر قد غرق في دوامة من الأفكار السوداوية و أغلق على نفسه زنزانة من الكآبة و اليأس و الخمول.
و نرى آخر قد أسر نفسه داخل موقف الرفض و السخط و التبرم و الضيق بكل شيء.
و لكن العالم واسع فسيح.
و إمكانيات العمل و السعادة لا حد لها و فرص الاكتشاف لكل ما هو جديد و مذهل و مدهش تتجدد كل لحظة بلا نهاية.
و قد مشى الإنسان على تراب القمر.
و نزلت السفن على كوكب الزهرة.
و ارتحلت الكاميرات التليفزيونية إلى المريخ.
فلماذا يسجن الإنسان نفسه داخل شق في الحائط مثل النملة و يعض على أسنانه من الغيظ أو يحك جلده بحثا عن لذة أو يطوي ضلوعه على ثأر.
و لماذا يسرق الناس بعضهم بعضا و لماذا تغتصب الأمم بعضها بعضا و الخيرات حولها بلا حدود و الأرزاق مطمورة في الأرض تحت أقدام من يبحث عنها.
و لماذا اليأس و صورة الكون البديع بما فيها من جمال و نظام و حكمة و تخطيط موزون توحي بإله عادل لا يخطئ ميزانه.. كريم لا يكف عن العطاء.
لماذا لا نخرج من جحورنا.. و نكسر قوقعاتنا و نطل برؤوسنا لنتفرج على الدنيا و نتأمل.
لماذا لا نخرج من همومنا الذاتية لنحمل هموم الوطن الأكبر ثم نتخطى الوطن إلى الإنسانية الكبرى.. ثم نتخطى الإنسانية إلى الطبيعة و ما وراءها ثم إلى الله الذي جئنا من غيبه المغيب و مصيرنا إلى غيبه المغيب.
لماذا ننسى أن لنا أجنحة فنجرب أن نطير و نكتفي بأن نلتصق بالجحور في جبن و نغوص في الوحل و نغرق في الطين و نسلم قيادتنا للخنزير في داخلنا.
لماذا نسلم أنفسنا للعادة و الآلية و الروتين المكرر و ننسى أننا أحرار فعلا.
لماذا أكثرنا نمل و صراصير..
ما شاء الله كلام ذهب، وصيغة الكتابة متناسقة وراقيه.
ردحذفاسمحي لي أن انشر هذا المقال مع ذكر المصدر طبعًا.
ولكم جزيل الشكر.